السبت، 24 أبريل 2010


هز ظهرك وارتفع


ذات يوم والفلاح عائد إلى بيته, بعد يوم حافل بالعمل, وحصانة يمشي بجواره وعلى ظهره شيئاً من ثمر أرضة,وإذا بالحصان يفزع فجأة ويركض نحو بئر عميقة ويسقط فيها, أسرع الفلاح ليطالع فرسه الذي يئن في البئر والهلع يملأ جنانه, فكر الفلاح في حيلة يخرج بها حصانة, فأعيته الحيلة, فقرر بعد مهله من التردد أن يترك الحصان في البئر, بل لقد اهتدى إلى ما هو أبعد من ذلك, فالبئر جافة, وقد يؤدى منها فلاح آخر ويسقط فيها إحدى حيواناته, فلمَ لا ينادي جيرانه من الفلاحين, ويردم البئر, ويكون بذلك دفن الحصان بدلاً من أن تفوح رائحته النتنة بعد موته, وفي نفس الوقت تخلص من تلك البئر التي لا فائدة منها .

وهكذا نادى المزارع جيرانه, وطلب منهم المساعدة في ردم البئر,وأخبرهم بمراده من ردمه والفائدة المرجوة من ذلك فوافقوا.. وبدأوا العمل.

وما هو إلا وقت قليل إلا وبدأ التراب ينهال على ظهر الحصان القابع في البئر بلا حيلة .


لم يمر وقت طويل حتى أدرك الحصان حقيقة ما يجري, أيقن أنه هالك لا محالة فارتفع صهيله في فزع وخوف, لكنة تأكد أن القوم قد أبرموا أمرهم ولن يعودوا فيه, حينها قرر أن يدبر أمراً هو الآخر!.

وبينما القوم مستمرون في إلقاء الأتربة في البئر بلا توقف, وإذا بصوت الحصان ينقطع تماماً, فلا عويل ولا صراخ, ولا صهيل ألم وخوف. فقرر المزارعون بعد فترة أن يتوقفوا ليلقوا نظره على الحصان الذي اختفى صهيله تماماً, وحينها رأى القوم مشهداً عجيباً!!.

فحينما كان المزارع ورفاقه منهمكين بإلقاء التراب على الحصان, كان الحصان مشغولاً بهز ظهره كلما سقطت علية الأتربة, فيلقيها أرضاً ويرتفع بمقدار سنتيمترات إلى الأعلى!.

واستمر الحال على هذا المنوال, هذا يرمي بالأتربة والأوساخ, وذاك يلقيها من فوق ظهره ويرتفع فوقها, ورويدا رويدا وجد الجميع الحصان وقد أصبح قريباً من النور, وبدلاً من أن تغرقه القاذورات وتدفنه, اتخذها مسوغاً ليرتفع فوقها وينهض من خلالها, إلى أن صار حراً, والفضل يعود إلى ما كان يظنه شراً خالصاً !.

ولك أتوجه أيها القارئ بخاطرة , فكم نحن بحاجة إلى أن نهز ظهورنا لنُسقط مشاكل الأيام, ونريح الظهر من عبء حمل يوجعه.

الأيام ما تفتر تلقى على ظهورنا بمشكلات وأوجاع لا عد لها ولا حصر, ويكون الحل الوحيد حيال تلك المصائب التي تنهال على ظهورنا هو هز الظهر والارتفاع فوقها.

ليس الأمر مثالياً أو صعب التحقيق, الحياة يا صديقي تختبرك, فإما أن تحني رأسك وظهرك وتنتظر أن تدفنك, وإما إن تكافح وترتفع سنتيمترات قد تكون قليلة, لكنها ثابتة وواثقة, والنور سيأتي حتماً حينما تتغلب على القدر الكافي من المشكلات التي ترتفع عالياً.





هذه القصة مأخوده من كتاب ( أفكار صغيرة لحياة كبيرة )
(Simple Ideas for a Great Life)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق